إنـه يطاردنـي

وقفت على الباب تنتظر .. يدٌ على الجرس والأخرى على مقبض الباب

تضربه حيناً وحيناً تلصق أذنها بالباب تنتظر أن تسمع صوتاً قادماً يفرج عنها لحظات الخوف والترقب ..

تصبب عرقها .. تصاعدت أنفاسها

تسارعت نبضات قلبها.. نظرت إلى السماء

أغمضت عينيها فأشعة الشمس الحارقة كادت أن تذهب بنورهما ..

عادت إلى الجرس .. يدها الممسكة بمقبض الباب تكاد تخلعه ..

تصرخ بصوتٍ مخنوق لا يتجاوز أذنيها ..

افتحوا الباب أرجوكم .. افتحوا الباب أرجوكم ..

نظرت إلى الساعة .. الوقت يمضي ببطءٍ شديد .. إنها الثانية عشرة ظهراً

الجميع عاد من زيارات العيد وألقى بجسده على السرير ..

لن يسمعكِ أحد

هكذا قالت لنفسها وهي تتأمل الشارع الساكن ..

جرت الدموع على خديها .. تمنت لو أنها رفضت النزول من سيارة زوجها حين أمرها

همست :

ليتني لم أنزل .. ليته يعود .. لن أغضبه ..

لكنها عادت تقول :

لا .. إنه قاس وظالم .. لن أغفر له ما صنعه بي اليوم ..

اجتمع الحزن والخوف عليها .. لم تعد تبصر شيئاً ..

عادت تنظر إلى الباب .. وتراقب الطريق لعل أحداً يأتي ليفتح لها الباب ..

أبصرت رجلاً قادماً من بعيد .. لم يتبين لها من هو ؟ ..

مسحت دموعها .. دققت النظر في القادم ..

أحست بالخطر يحدق بها ..

نظرات القادم مريبة .. تكاد تلتهمها .. أنفاسه تصل إلى سمعها

إنه يقترب منها ..

أخذت تضرب بيديها الباب ..

لم يبق لها أمل ..

اقترب منها أكثر وأكثر ..

جمعت عباءتها على جسدها .. وانطلقت تجري وتجري بعيداً عنه ..

وقفت تسترد أنفاسها .. نظرت خلفها .. لا زال يتبعها ..

رفعت عينيها إلى السماء ..

الشمس ترسل أشعتها الحارقة ..

الطرقات خالية .. أبواب المنازل والنوافذ مغلقة

سكون قاتل يقضي على بقايا الأمل في صدرها ..

شعرت بأنها في صحراء مقفرة .. كل شيء فيها يقول

لا ملجأ لك في الأرض ..

يارب .. يارب .. انطلقت من شفتيها

لم تتذكر كلمة تضيفها إليها .. ظلت تردد : يارب .. يارب ..

عاودت الركض من جديد ..

لم تلتفت وراءها ..

سارت في طريقٍ تعرفه ..

وكلما أحاط بها اليأس .. رددت :

يارب .. يارب ..فاستعادت قوتها ..

أبصرت الباب الذي تعرفه .. أسرعت نحوه .. احتضنته بجسدها ..

طرقت الباب بيديها ورأسها .. كل جزءٍ من جسدها كان يطرق معها

بكاؤها نحيبها وحتى ضربات قلبها شاركت معها ..

صوتٌ قادمٌ من وراء الباب يهدد ويتوعد الطارق المزعج ..

سقطت على ركبتيها .. تحول البكاء إلى أنين بصوتٍ مرتفع ..

نظرت خلفها .. توقف الرجل عن مطاردتها .. ألقى بنظرةٍ أخيرة

ثم استدار إلى الوراء ليغيب بسرعة عن نظرها

انفتح الباب .. سقطت بين يدي أخيها وهي تردد :

إنه ورائي .. إنه يطاردني .. المجرم تركني في الطريق ولم ينتظر

المجرم .. المجرم .. ثم غابت عن الوعي ..

قصة من الواقع

ليست هناك تعليقات:

موسوعة أروع و أفضل القصص